الآثار الغارقة بالإسكندرية .. متحف مفتوح تحت بحر عروس المتوسط


كتب – تامر طه
تحولت الآثار الغارقة في بحر الإسكندرية في مصر ،إلى ما يشبه المتحف او المنجم الذي يضم قطعاً فريدة للآثار الغارقة، تتنوع بين مخلفات أثرية إلى بقايا معابد وأعمدة لمنشآت قديمة وتماثيل، كما احتضنت مياهها أطلال مدينتي كانوب وهرقليون الغارقتين منذ القرن الثامن الميلاد، ويعود تاريخها لحقب زمنية وعصور مختلفة دفع عدداً من الأثريين المصريين ،إلى تبني فكرة إنشاء متحف للآثار الغارقة، وعلى رغم مرور 25 عاماً على ذلك المقترح فإنه دائماً ما كان يصطدم بمعوقات، ترجئ عملية تنفيذه، منها الكلفة الباهظة وصعوبة الحصول على موافقات أمنية، لما تمثله تلك المواقع من أهمية عسكرية.
لعبت الصدفة عام ١٩٣٣ دورًا كبيرا في اكتشاف الآثار الغارقة في بحر الإسكندرية و أول موقع للآثار الغارقة في مصر، وذلك في خليج أبي قير شرقي الإسكندرية، وكان مكتشفه طيار من السلاح البريطاني، وقد أبلغ الأمير “عمر طوسون” الذي كان معروفاً بحبه للآثار وكان عضواً بمجلس إدارة جمعية الآثار الملكية بالإسكندرية في ذلك الوقت، وقد قام الأمير بتمويل عملية البحث والانتشال وكافة المصروفات .
أولا- الآثار الغارقة في الميناء الشرقي
بدأ الاهتمام بالموقع من الناحية الأثرية عام ١٩٦١م ،عندما تم اكتشاف، تمثالاً ضخمًا لسيدة ترتدي الزي المميز للإلهة إيزيس، وقطع أثرية أخرى، كما ظهرت بهذه المنطقة أرصفة حجرية وفي عام ١٩٩٢م، تم اكتشاف جزيرة أنتيرودوس واللسان المعروف بشبه جزيرة التيمونيوم، وعُثر على بقايا مبان من المرجح أن تكون لمسرح ومعبد الإله بوسيدون ،و تم اكتشاف عناصر أثرية ومعمارية مختلفة، مثل تماثيل أبو الهول، وحطام سفينة غارقة ترجع إلى العصر الروماني وتعد الإسكندرية، التي أسسها الإسكندر الأكبر، وحملت اسمه واحدة من أبرز وأعظم مدن العالم القديم، وعاصمة لمصر البطلمية وكان الميناء الشرقي هو الميناء الملكي للعاصمة القديمة ،حيث احتوى على القصور، والمعابد، ومنارة الاسكندرية الأسطورية بجزيرة فاروس ،وهي إحدى عجائب العالم السبع و أصبح هذا الحي راقدًا تحت مياه البحر المتوسط ،بعد كان الأثر الأبرز بالميناء هو منارة الإسكندرية، التي أمر بإنشائها بطليموس الأول سوتر الأول في عام 297 ق.م، حيث كانت معلمًا للمدينة القديمة، وقد بلغ طولها 130م واحتوت على مشعل لتوجيه السفن إلى الميناء ،من على بعد 50 كم في البحر، إذ ينعكس ضوء ناره العظيمة على مرآة برونزية ضخمة ،وقد ضرب الإهمال تلك المنارة مع مرور الوقت، حتى انهارت تمامًا بعد زلزال عنيف أصابها في القرن الرابع عشر الميلادي.
ثانيا – الآثار الغارقة في خليج المعمورة
يمتد خليج المعمورة في الإسكندرية من من حدائق المنتزه الملكية في الغرب، إلى خليج أبو قير في الشرق، وكان هذا الخليج بمثابة بوابة السفن القادمة من البحر المتوسط إلى النيل، حيث كانت تلك السفن تبحر عبر فرع النيل الكانوبي، لنقل بضائعها إلى بقية أنحاء مصر ، وعثر في الموقع على كسرات فخارية، وبقايا أمفورات (أوان فخارية ضخمة)، منتشرة في قاع الخليج، مما يدل على وجود حطام العديد من السفن وحاليًا لايعرف سوى القليل عن خليج المعمورة، ولكن الحفائر تزودنا تدريجيًا بالمعلومات عن تلك المنطقة الثرية، فقد عثر على ميناء صغير ورصيف يعودان إلى العصر اليوناني الروماني، بالإضافة إلى محجر للحجر الجيري الذي استخدم في بنائهما، كما كشف عن أحواض يعتقد أنها بقايا مزراع سمكية قديمة، مما يرجح وجود تجمع سكاني في تلك المنطقة واندثر بحكم عوامل الجو.
ثالثا: الآثار الغارقة في خليج ابو قير
يضم الخليج مواقع حطام سفن أسطول نابليون الغارقة، أهمها موقع سفينة القيادة أورينت، وموقع السفينة لاسريوس و موقع السفينة “لا جورييه” بالاضافة لمواقع المدن الغارقة ،وتتمثل فى منطقة شرق كانوب ومدينة هيراكليوم، واحتلت مدينتا كانوبيس وهيراكليون موقعهما ،بخليج أبو قير قبل بناء مدينة الاسكندرية، وكانتا مزدهرتين للغاية، وقد استمدتا ثرواتهما من الضرائب المفروضة على البضائع، التي جلبت إلى الموانئ القريبة لتنقل إلى النيل، و كشف حديثًا عن أطلال المدينتين، إذ ظهرت أجزاء من معبد وتماثيل لمعبودات، وتشير الدلائل الأثرية على انهيارهما في القرن الرابع قبل الميلاد، وغرقهما في البحر، غير أن الغموض يحيط بتفاصيل سقوطهما، وقد اعتاد رحالة القرن الثامن عشر على البحث بطول الموانئ القديمة على أمل العثور على بقايا المدينتين المنكوبتين.
https://capitwo.net/archives/31764