في ذكرى وفاته …. تعرف على “أبو الاقتصاد المصري” طلعت حرب
كتب_ أمل ماضي
هو أحد أهم أعلام الاقتصاد في تاريخ مصر لقب بـ “أبو الاقتصاد المصري” فقد عمل على تحرير الاقتصاد المصري من التبعية الأجنبية وساهم في تأسيس بنك مصر والعديد من الشركات العملاقة، انه محمد طلعت بن حسن محمد حرب أو كما يعرف ب طلعت حرب، ولد طلعت حرب عام 1867 وهو اشهر اقتصادي ومفكر مصري، كان عضوًا بمجلس الشيوخ المصري، وهو مؤسس بنك مصر ومجموعة الشركات التابعة له والتي تحمل اسم مصر.
ولد طلعت حرب بمنطقة قصر الشوق في حي الجمالية، وكان والده موظفاً بمصلحة السكك الحديدية الحكومية، وينتمي إلى عائلة حرب بمحافظة الشرقية، كما كانت والدته تنتسب إلى عائلة صقر لقرية تابعة لمنيا القمح أيضاً.
حفظ طلعت حرب القرآن في طفولته ثم التحق بمدرسة التوفيقية الثانوية بالقاهرة، والتحق بعد ذلك بمدرسة الحقوق الخديوية في أغسطس 1885 وحصل على شهادة مدرسة الحقوق في 1889 وكان من أوائل الخريجين، اهتم بالإضافة لدراسة الحقوق بدراسة الأمور الاقتصادية، وكذلك الاطلاع على العديد من الكتب في مختلف مجالات المعرفة والعلوم وقام بدراسة اللغة الفرنسية حتى أجادها إجادة تامة.
بدأ طلعت حرب حياته العملية مترجماً بقلم ليشتغل مترجماً بالقسم القضائي «بالدائرة السنية» وهي الجهة التي كانت تدير الأملاك الخديوية الخاصة، ثم أصبح رئيسا لإدارة المحاسبات ثم مديراً لمكتب المنازعات خلفا لمحمد فريد وذلك في عام 1891 ثم تدرج في السلك الوظيفي حتى أصبح مديراً لقلم القضايا، كانت كفاءة طلعت حرب في إدارة المشروعات سبباً في استعانة بعض الأعيان به، ومن أبرزهم عمر سلطان باشا الذي كان يعد أحد أغنى أغنياء مصر في ذلك الوقت، والذي أوكل إليه إدارة أعماله بصفة دائمة. ساهمت تلك الأعمال في إكسابه خبرة واسعة في الأمور الإدارية والتجارية، كما تمتع بشهرة جيدة وتم اعتباره واحداً من أبرز الكوادر الإدارية في تلك الفترة.
في عام 1905 انتقل ليعمل مديراً لاحدي الشركان في القاهرة والتي كانت تنشط في مجال استصلاح وبيع الأراضي واستقال منها عام 1909، كما أسندت له في نفس الوقت إدارة إحدى الشركات العقارية التي عمل على توطينها حتى أصبحت غالبية أسهمها في يد المصريين، وفي عام 1905 حصل طلعت حرب على لقب البكوية.
كانت مصر في هذه الفترة تعاني من استحواذ غير المصريين على كافة المناصب والأعمال التجارية، وكذلك كانت تعاني من أزمة اقتصادية كان يدفع ثمنها المواطن البسيط، بالإضافة إلى ظروف الاستعمار الذي بدأ في عام 1882، كان طلعت حرب يرى أن أولى خطوات التحرر من الاستعمار تأتي بضرورة تمصير الاقتصاد الذي كان معظمه بأيدي الأجانب، ولعل هذا هو ما شجعه على دراسة
العلوم الاقتصادية وإتقان اللغة الفرنسية.
وفي عام 1910 تقدمت شركة القنال بطلب للحكومة المصرية بتمديد فترة امتياز شركة قناة السويس التي كانت ستنتهي في17 نوفمبر 1968 لمدة 40 سنة أخرى تنتهي سنة 2008، ووقفت الحكومة البريطانية وسلطة الاحتلال موقف المؤيد لمد الامتياز “خصوصا وقد بدأت الحركة الملاحية بالقناة تتضاعف ضعف ما كانت عليه، وكانت البضائع البريطانية تمثل 78,6 % من مجموع البضائع المارة بالقناة، ولكن الحركة الوطنية المصرية بقيادة محمد فريد قادت هجوما كاسحا على طلب المد وقلبت الرأي العام ضده، حتى أن إبراهيم الورداني الذي قام باغتيال رئيس الوزراء بطرس غالي باشا سنة 1910 صرح من ضمن اعترافاته أنه أقدم على فعلته لعدة أسباب منها ما ذكره من سعي بطرس غالي باشا لمد امتياز القناة، وقام طلعت حرب بتأليف كتاب عن قناة السويس ليوضح الحقائق للعامة والخاصة عن تاريخ القناة، وكيف ضاعت حصص مصر من الأسهم والأرباح وخسائرها حتى 1909م. وخلص إلى القول أن الأسهم التي باعتها مصر ب 560 فرنكا للسهم الواحد أصبح سعرها بعد ثلاثين سنة فقط 5010 فرنكا للسهم، وحصتها من أرباح القناة التي باعتها ب 22 مليون فرنك أصبحت قيمتها 300 مليون فرنك، وقام طلعت حرب بطبع هذا الكتاب ونشره، مما ساهم في إنشاء ضغط شعبي دفع بالجمعية العمومية (مجلس الشعب) بتكليف كل من محمد طلعت حرب وسمير صبري بكتابة تقرير عن الموضوع، وبالفعل قدما تقريرهما للجمعية الذي وضحا فيه خسائر مصر المالية المتوقعة في حالة تمديد الامتياز الحالي بالشروط السالف ذكرها، وبناءً على هذا التقرير رفضت الجمعية العمومية عرض تمديد امتياز شركة قناة السويس وبقي الامتياز قائما بشروطه حتى جاء التأميم 1956م قبل نهاية الامتياز ب12 سنة.
وبالرغم من أدوار طلعت حرب الوطنية في تلك الفترة وإشادة مصطفى كامل به لدوره في مساعدة الفلاحين فترة عمله كمدير قلم الدائرة السنية، إلا أنه تعرض كثيراً للنقد من شخصيات الحركة الوطنية ومنهم محمد فريد، خاصة أنه لم يكن من مساندي مبادئ مصطفى كامل بل كان معارضاً لها، وعمل على استمالة صديقه عمر سلطان باشا عضو الحزب الوطني والعمل على إيقاف دعمه المالي، واعتبرت بعض الشخصيات أن طلعت حرب يميل للأثرياء والخديوي خاصة بعد انضمامه لحزب الأمة الموالي للإنجليز، إلا أن موقف طلعت حرب الوطني شهد تغييراً جذرياً في السنوات التالية، ورجح المفكر فتحي رضوان أن هذا التغيير سببه انتشار الوعي الوطني في هذه الفترة، وزيادة المد الثوري الذي شهدته مصر كلها قبل ثورة 1919 التي فجرت الكثير من البواعث الوطنية لدى الكثيرين.
ولعل أبرز انجازات طلعت حرب الاقتصاديّة:
تأسيس النادي الأهلي الرياضي، مع الاعتماد على لجنة تأسيس النادي.
دار مصر للطباعة.
شركة مصر لحليج الأقطان.
شركة مصر لصناعة الورق.
شركة مصر لصناعة السينما (أستوديو مصر).
الشركة المصرية العقارية.
شركة مصر للغزل والنسيج.
شركة مصر لغزل الحرير.
شركة مصر للكتان.
شركة مصر للأسماك.
بنك مصر سوريا.
شركة مصر للنقل والشحن.
شركة بيع المنتجات المصرية.
الشركة المصرية للدباغة والجلود.
شركة مصر للمناجم والحجارة.
شركة مصر لاستخراج وتكرير البترول.
شركة مصر البيضاء للصباغة، بالتعاون مع برادفورد.
شركة مصر للمستحضرات الطبيّة والتجميل.
عقب استقالته من إدارة بنك مصر، انتقل طلعت حرب للعيش في قرية العنانية، في مركز فارسكور بدمياط، حيث عاش بعيداً عن الأضواء، وتوفي في الثالث عشر من أغسطس عام 1941 عن عمر يناهز 74 عامًا بالقاهرة. أُقيمت جنازته بمنزله الموجود في شارع رمسيس، حضر الجنازة كل من: مندوب الملك ومصطفى النحاس باشا رئيس الوزراء والعديد من الشخصيات السياسية مثل: أحمد ماهر باشا وأحمد حسنين باشا وشيخ الأزهر مصطفى المراغي ووكيل بطركية الأقباط ومفتي الديار المصرية وشيخ المشايخ الصوفية، والعديد من كبار الموظفين الحكومة والمفوضيات الأجنبية وأعضاء مجلس إدارة وموظفي بنك مصر. كما نعاه العديد من الشعراء بقصائد رثاء مثل عباس العقاد وإحسان عبد القدوس وصالح جودت وأمير الشعراء أحمد شوقي.