اخبارتحقيقات صحفية

كثرة البلطجة و القتل بين الإنفلات الأخلاقي وقلة الدين.. ومسؤولون يجيبون (تحقيق)

كتب -سمية المصري

عندما خلق آدم خليفةً في الأرض، اعترضت الملائكة على أن هذا المخلوق أو من قبله يمارس القتل وسفك الدماء، فهل يعني ذلك وجود غريزة القتل في الجنس البشري؟ ، ولاحظ في هذه الفترة الأخيرة تزايد ظاهرة جرائم القتل بين الشباب وباستخدام الأسلحة البيضاء ، فلا تسلم مدينة أو قرى بمحافظات مصر من هذه الحوادث الآن ، حيث عانى منها الكثير ، مما ينذر ذلك بحدوث كوارث حقيقية فى الأيام المقبلة .

وكشفت دراسة علمية حديثة أن البشر تطوروا مع مرور الزمن، وهم لديهم ميل لقتل بعضهم البعض، موضحة أن غريزة القتل عند البشر تزيد بمقدار ستة أضعاف من متوسط غريزة القتل الموجودة عند الثدييات.

ومن جانبه قامت ” العاصمة الثانية “بدورها لتوضيح تفسير لهذه الظاهرة المنتشرة ومعرفة أسباب تزايدها وكثرتها وكيفية التعامل والقضاء عليها أو التقليل منها بعد تكرراها مؤخرا ، وذلك كان من خلال آراء خبراء علم النفس والإجتماع وآراء شيوخ بالأزهر الشريف ، وكذلك معرفة دور الأمن للحد والتصدى لهذه الظاهرة وما هى الدوافع التى تدفع هؤلاء الأطفال للقتل وحمل السلاح ؟ ، ومن المسئول عن القتل نتيجة البلطجة ؟ ولماذا انتشرت جرائم القتل فى الأسر المصرية بهذا الشكل ؟ و لماذا حتى الآن لن يستوجب وقفة حاسمة لدراسة الدوافع والتصدي لها لإنقاذ المجتمع المصري من بحر الدماء.

وقال فضيله الشيخ سعد عبد الجواد ،عضو بهيئة تدريس الأزهر الشريف ،فقد أمرنا الله سبحانه وتعالى من تحريم قتل النفس البشرية فى أكثر من آية قرأنية ، فقال تعالى : “مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا” ، وحرَّم الله وشدد عن سفك الدماء وإزهاق الأرواح تحريمًا شديدًا إلا ما استثناه الشرع، وهذا يشمل المسلم والكافر والمعاهد والمستأمن وأهل الذمة .

أوضح عضو بهيئة تدريس الأزهر الشريف، أن هذا الجيل مبدئيا لم يتخطى الخامسة عشر عاما فهو فى عرس طفل ومازال فى مراحلة التعليمية الأولى من عمره ، فبالتالى المسئول عن هذه الفئة مسئولية مباشرة هما جهتين ” الأسرة ووزارة التربية والتعليم أو ما يوزيها من التعليم الأزهري أو الخاص ، فإذا هذان الجهتين مسئولين مسئولية مباشرة عن سلوكيات هؤلاء الأطفال وهذا الجيل بأكمله .

وأشار “عبد الجواد” أن العوامل الأخرى التى ساعدت على كثرة إفتعال الأطفال هذه الجرائم هى ترجع لوسائل الإعلام فهى تعد العامل الأول والأخير بعد غياب الأسرة فى التربية ، فوسائل الإعلام هى التى تنشر ليل نهار فى التليفزيون العنف وتمجد وتنجم من هؤلاء النجوم الذين يظهروا فى المشاهد العنيفة الذى يرآها جميع الأطفال والشباب ويقوموا بتقليدها ومتابعتها ، فقد يكتسب الشاب منها الجرأه فى حمل الأسلحة للمشاجرة بها ، ويعتبر هذا قوة ويتصور له أن المجتمع سوف يحترمه  ، واضاف أن الخطب الدينيه بالمساجد والبرامج التليفزيونيه تحث دائماً على الابتعاد عن العنف، ولكن الشاب لم يصلى ولن يأتى ليصلى ولا يسمتع للخطب الدينية ، ولكن يجب أن ننزع من عقلة الأمور السلبية التى غرسة بعقلة الشارع والإعلام ، فماذا يفعل الدين هنا فى ظل هؤلاء ؟ ، فمن المفترض السيطرة على عقلية الشباب لأنهم بعاد تماما عن دينهم ، فمن رأيى أن الشاب الذى يصلى ويعرف دينه لم يحمل سلاح ويزهق روح ويفعل أشياء حرمه الله سبحانه وتعالى ، فالخطأ هنا يرجع للإعلام الذى جسد هذه الأدوار السئيه على أنها أدوار وأعمال بطولية ،ومن هنا نطالب الأسر المصرية بمراقبة ومتابعة أبنائهم وإعادة تربيتهم تربية سليمة وصحيحة لكي يقوموا بتحصينهم عند تعرضهم لهذه المواقف ، وكيفية التعامل معها لكي نقضى على هذه الظاهرة ، ولكي يصبح أبناءنا لديهم سلامة نفسية بشكل كبير .

 

ومن جانبه صرح الدكتور محمد موسى، أستاذ علم النفس والإجتماع ، إن هناك عدة أسباب رئيسية فى زيادة جرائم القتل لدى الشباب وقيامهم بحمل السلاح وإستخدامه إستخدام خاطئ فى إرتكاب الجرائم فى الفترة الأخيرة، وهى ضعف العلاقات الإجتماعية بين أفراد الأسرة الواحدة، وضعف الإيمان بالله والوازع الدينى، والإختلال العقلى والنفسى والضغوط الإجتماعية والنفسية والظروف الإقتصادية .

وأضاف “موسى ” ،أن الحلول تتلخص فى ضرورة الوعى بأهمية التناسق الأسرى فى التربية السليمة للأبناء ، وزيادة الوعى الدينى السليم، من خلال مؤسسة الأزهر، والخطباء والأئمة بالمساجد، أو من خلال الكنيسة للأقباط، علاوة على التوعية الإعلامية من خلال البرامج الهادفة لبناء الأسرة، وفور ظهور المشكلات الإجتماعية والأسرية لابد من سرعة العرض على أخصائيين نفسيين وإجتماعيين لحل المشكلات بدلاً من مضاعفاتها، والقضاء على الإدمان والمخدرات، وأيضا التوعية المجتمعية، وعلى الدولة توفير العلاج فى المستشفيات الحكومية، والتوعية من خلال المدارس والجامعات .

وتابع استاذ علم نفس والاجتماع ، إن التغيير يحدث فى نمط الجريمة نفسها، بعد زيادة نسبة العنف منذ ثورة 25 يناير حتى الآن، بحيث اعتاد عليها المجتمع المصرى نتيجة التغيرات الفكرية والنفسية التى تؤثر على تكوين الشخصية، مضيفة أن الجرائم قد تكون بسبب نفسى وتعرض الإنسان لضغوط نفسية واجتماعية تزيد من العنف، والغيرة والفصام والشخصيةالسيكوباتية، كلها أسباب لزيادة الجريمة، لأن الإضطرابات الشخصية تأتى بسبب الشعور بالرفض من قبل الأسرة .

 

وأشار ان أسباب زيادة الجرائم والبلطجة بين الشباب الحدثيين تكون اعمارهم ” أقل من 18 عاما” الذين يحملوا الأسلحة هى إرتفاع معدﻻت الكثافة السكانية والإزدحام، وإنتشار العنف فى المجتمع المصرى عبر وسائل الإعلام والدراما وتراجع الدور الثقافى فى المجتمع، لأن تسليط الضوء على الجرائم يؤكد زيادة نسبة معدﻻتها، بالإضافة إلى الإنفلات الأخلاقى، وحرب الخلافات الأسرية التى قد تؤدي بعضها إلى الأنفصال ، وكذلك التفسير الخاطئ لمعنى الحرية، مما يتسبب فى حالة من عدم الإستقرار والعيش فى صراعات، علاوة على تراجع المؤسسات الدينية عن الدور الفعال لها وبشكل يناسب العصر الحالى، وأيضا الإستخدام السلبى والسيئ للتطور الإلكترونى، ووسائل الاتصال الحديثة، مما زاد من نسبة الجرائم التى تتسم بعنصر المفاجئة غير المتوقع مثل الجرائم الإلكترونية المختلفة .

 

واقترح دكتور محمد موسى حلولاً أهمها:-

•تسليط الضوء فى وسائل الإعلام على الجرائم وإيجاد حلول لها والتوقف عن نشر العنف من خلال الأفلام والبرامج.

• تكثيف دور مؤسسات التعليم فى المدارس والجامعات والمؤسسات الدينية واهتمام الأسرة بالقيم والأخلاق .

 

ومن جانب أخر قال مسئول أمنى رفض ذكر أسمه ،أن معدل الجريمة زاد بسبب سوء المستوى التعليمى والثقافى لدى الكثير من الشباب ، وأيضا من أهم أسباب ازديادها هى البيئة المحيطة والمجتمع الذى ينشأ به ، فلجوء الشاب لحمل الأسلحة البيضاء يرجع سببها لمشادة كلامية حدثت وعلى أثرها أرتكب الواقعة ، فكل أخطاء الشباب ترجع لعدم إداراكهم للحلال والحرام مع التطور التكنولوجى الذى أصبحنا نعيش به حاليا ، مشيراً إلى أن الفقر فى مستويات متدنيه بتجعلهم يرتكبوا جرائم كثيرة ، والأفلام التى تعرض فى التليفزيون أيضا لها دور كبير عليهم وبتأثر بهم فيجب أن يكن الشاب على وعى كامل ومدرك أنه يقضى على مستقبلة .

وصرح المسئول الأمنى، أن إحصائية جرائم القتل بين الشباب فى سن صغير أصبحت متزايدة وملحوظة ، ولكنها كانت متواجده ولكن لم تمكن بهذه الكثافة المتواجدة فى هذه الفترة الحالية ، لافتا إلى أن سبب الدوافع التى تدفع الشباب للجوء فى أى مشاجرة إلى حمل السلاح سواء ” سكينة أو مطواة ” هى رؤيته للأفلام الهابطة التى تحتوى على مشاهد غير لائقة للشباب ومواقع التواصل الإجتماعية المباح عليها جميع المشاهد السيئة ، وأيضا المخدرات وبالأخص ” الأستروكس ومخدر الفودو ” الذين لهم دور وعامل كبير فى تصرفتهم لأنهم مصنعين من مواد مهلوسة فتجعل دائما الشاب فى حالة الإ وعى فيقوم بإرتكاب كافة الجرائم وهو غير مدرك ومغيب للوعى ، فالدور الأمنى هنا قد يأتى متأخر للغاية لأنه يأتى بعد إرتكاب الشاب للواقعة أو الجريمة .

موضحا المسئول أن الدور الأول والأساسى هنا يعود لدور الأسرة ، و السوشيال ميديا التى أصبحت حاليا لها دور كبير ومؤثر فى أى قضية ، ويوجد أشخاص مرضى نفسيين يحبون الشهرة ويقوموا بإرتكاب أى جريمة لغرض الشهرة فقط ، وفى وقائع أخرى تحدث ع طريق خطأ من المتهم فهو كان يريد من إرتكابه الإصابة فقط للمجنى عليه ولعدم إدراكه للموقف وقله خبرته تؤدي ضربته بالسلاح الأبيض للمجنى عليه إلى مصرعة ، فنحن كرجال أمن عند حدوث أى واقعة هو ضبط المتهم فقط وعرضة على النيابة لكى يقوم القانون بدوره معه ويعاقبه ، لافتا إلى أن الإعلام دائما يركز فى قضايا القتل ويهمل دور رجال الأمن والمكافحة .

وتابع : أن ظاهرة القتل منتشرة بشكل كبير فى الأحياء الشعبية ، ولكن الفرق بين الفترة السابقة والحالية هو تركيز الإعلام مع ذلك للقواضى وتسليط الضوء عليها بشكل مقلق ،  أن من ساعد على إنتشار هذه الظاهرة ووجودها بكثرة في 4 عوامل :-

• ” إنتشار المواد المخدرات ” الذى يرآها الشاب أنها هى الحل الوحيد للتخلص من مشاكله وتخفيف الأعباء عليه .

•  ” دور الأسرة ” الذى من المفترض أنها العامل الأساسى فى تربيته ونشأته نشأة سليمة، وعدم تركيزهم مع أبنائهم وغياب دورهم تماما .

•” إنتشار الأسلحة بجميع أنواعها بدون مراقبة “، والقانون لم يجرمها تجريم كافى ، فالمتهم يتم القبض عليه ويتم إخلائه ثانى يوم ، فبالتالى يعود مرة آخرى ويقوم بتكرر ما عمله مسبقا .

•” غياب الدور الدينى والوعي به” ، لأنهما ابتعدوا عن دينهم فلم يتأثروا بالأخلاقيات الحميدة والمبادئ الحسنة الذى يحسها الدين ، وأيضا عدم جدية القانون فى التعامل مع سبق الإصرار والذى يتم فيه الحكم على المتهم بأحكام قصيرة فى مدتها .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى